رأي رقم 01 / ر . م . د/ت. د /24 مؤرخ في 4 رجب عام 1445 الموافق 16 جانفي سنة 2024، يتعلق بتفسير عبارة واردة في المادة 195 (الفقرة الأولى) وفي المادة 141 من الدستور.
إن المحكمة الدستورية.
– بناء على إخطار ستة وأربعين (46) نائبا بالمجلس الشعبي الوطني المحكمة الدستورية برسالة مؤرخة في 3 جانفي سنة 2024، أودعها النائب مسعود زرفاوي مندوب أصحاب الإخطار، مسجلة بالأمانة العامة، مصلحة أمانة ضبط المحكمة الدستورية بتاريخ 3 جانفي سنة 2024 تحت رقم 01/2024، مرفقة بقائمة أسماء والقاب وتوقيعات ونسخ من بطاقة النائب لأصحاب الإخطار، حول تفسير عبارة “الحكم التنظيمي”، الواردة في المادتين 195 و141 من الدستور.
– وبناء على الدستور، لا سيما المواد 91 (المطتان 6 و7) و116 (المطة 5) و141 و185 و190 (الفقرة 3) و192 (الفقرة 2) و193 (الفقرة 2) و195 و196 منه،
– وبمقتضى القانون العضوي رقم 22-19 المؤرخ في 26 ذي الحجة عام 1443 الموافق 25 يوليو سنة 2022 الذي يحدد إجراءات وكيفيات الإخطار والإحالة المتبعة أمام المحكمة الدستورية.
– وبمقتضى النظام المؤرخ في 9 صفر عام 1444 الموافق 5 سبتمبر سنة 2022، الذي يحدد قواعد عمل المحكمة الدستورية،
وبناء على النظام الداخلي للمحكمة الدستورية المؤرخ في 10 صفر عام 1444 الموافق 6 سبتمبر سنة 2022،
– وبعد الاستماع إلى العضوين المقررين،
وبعد المداولة.
من حيث الشكل :
– حيث أن إخطار المحكمة الدستورية حول تفسير حكمين دستوريين تقدم به ستة و أربعون نائبا بالمجلس الشعبي الوطني، بموجب رسالة أودعها مندوب أصحاب الإخطار لدى أمانة ضبط المحكمة الدستورية، مرفقة بقائمة تتضمن أسماء وتوقيعات ونسخ من بطاقة النائب لستة وأربعين (46) نائبا أصحاب الإخطار، وبنسخة من الدستور. جاء وفقا للمادتين 192 (الفقرة 2) و 193 (الفقرة 2) من الدستور.
من حيث الموضوع :
– حيث أن المادة 195 (الفقرة الأولى) من الدستور، موضوع الإخطار، تنص على أنه : ” يمكن إخطار المحكمة الدستورية بالدفع بعدم الدستورية بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة، عندما يدعي أحد الأطراف في المحاكمة أمام جهة قضائية أن الحكم التشريعي أو التنظيمي الذي يتوقف عليه مال النزاع ينتهك حقوقه وحرياته التي يضمنها الدستور”.
– وحيث أنه، وبحسب ما ورد في رسالة الإخطار إذا كانت عبارة “الحكم التشريعي” لا تثير أي إشكال بخصوص مقصدها ومعناها، فإنه خلاف ذلك، تثير عبارة “الحكم التنظيمي” تساؤلا بخصوص معنى “التنظيم” على النحو المبين والمحدد في المادة 141 من الدستور المستدل بها، إذ جاء فيها : ” يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية في المسائل غير المخصصة للقانون، ويندرج تطبيق القوانين المجال التنظيمي الذي يعود للوزير الأول أو لرئيس الحكومة، حسب الحالة”.
– وحيث أن أصحاب الإخطار يؤكدون على أن منح المؤسس الدستوري بموجب دستور 2020 لأحد أطراف المحاكمة إمكانية الدفع بعدم دستورية حكم تنظيمي ينتهك حقوقه وحرياته التي يضمنها الدستور إلى جانب حكم تشريعي، وفق إجراءات وشروط محددة قانونا، يعتبر مكسبا هاما حمله التعديل الدستوري،
– وحيث يتضح من نص المادة 141 من الدستور أعلاه، أن الأحكام التنظيمية هي الأحكام الصادرة عن رئيس الجمهورية والوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات حسب أصحاب الإخطار تتعلق بإحالة بعض القوانين إلى قرارات وزارية مشتركة من أجل تحديد كيفيات تطبيق بعض أحكامها، وهو ما لا يندرج ضمن السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ولا للوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، كالمادة 226 من قانون الجمارك التي تبعت بصدور بعض النصوص دون معرفة وصفها القانوني (منشور أو تعليمة أو مذكرة) ودون إحالة من أي نص تشريعي، وكذلك المراسلة رقم 10 الصادرة بتاريخ 16 جانفي سنة 2019 عن المدير العام للوظيفة العمومية والإصلاح الإداري والموجهة إلى رؤساء مفتشيات الوظيفة العمومية والمتعلقة بكيفيات تطبيق بعض الإجراءات الخاصة بالنظام التأديبي للموظفين الذين يكونون محل متابعة تأديبية أو جزائية طبقا لأحكام المادتين 173 و 174 من الأمر رقم 06-03 المؤرخ في 15 يوليو سنة 2006 والمتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، المتمم، دون إحالة من هذه المواد، مما قد يؤسس لمراكز قانونية مختلفة، ويدفع إلى التساؤل حول طبيعتها القانونية، ومدى اعتبار ما ورد ضمنها أحكاما تنظيمية،
– وحيث أن بعض المراسيم التنفيذية (حسب رسالة الإخطار) تحيل إلى التنظيم والقرارات كالمرسوم التنفيذي رقم 22-208 المؤرخ في 5 يونيو سنة 2022 الذي يحدد نظام الدراسات والتكوين للحصول على شهادات التعليم العالي الذي تنص مادته الأولى على أنه صدر طبقا لأحكام المواد 16 و 17 و 18 من القانون رقم 99-05 المؤرخ في 4 أبريل سنة 1999 والمتضمن القانون التوجيهي للتعليم العالي، المعدل والمتمم، وهو ما يتطابق مع أحكام المادة 141 (الفقرة 2) من الدستور إلا أنه يحيل في نصوصه إلى قرار (المادة 5)، وإلى التنظيم (المادة 17)، وهو ما يدفع حسب أصحاب الإخطار إلى التساؤل حول الطبيعة القانونية لهذه القرارات، وهل يمكن اعتبارها أحكاما تنظيمية.
– وحيث أن الحكم التنظيمي يثير عدة تساؤلات، ومن أجل تحديد مفهومه الدقيق للقاضي والمتقاضي، يلتمس أصحاب الإخطار من المحكمة الدستورية تفسير الحكم الدستوري الذي تضمنته أحكام المادتين 141 و195 (الفقرة الأولى) من الدستور،
– وحيث أن المادة 190 (الفقرة 3) من الدستور خولت جهات الإخطار إمكانية إخطار المحكمة الدستورية بشأن دستورية التنظيمات خلال شهر من تاريخ نشرها،
– وحيث يتضح من نص المادتين 190 (الفقرة 3) و 195 (الفقرة الأولى) من الدستور المذكورتين أعلاه، أن المؤسس الدستوري استخدم عبارة “التنظيمات” وعبارة “الحكم التنظيمي”، وكلاهما تمثلان قواعد قانونية (عامة ومجردة) صادرة عن السلطة التنفيذية وخاضعة لرقابة المحكمة الدستورية، لكن دون أن يحدد نوعها، مما يثير التساؤل هل المقصود بذلك التنظيمات والأحكام التنظيمية المستقلة أو التنفيذية أو كلاهما.
– وحيث أن المحكمة الدستورية تذكّر بأن الهدف من تفسير الدستور هو تحديد المعنى الدقيق لأحكامه وإزالة الغموض عنها بغية تطبيقها تطبيقا سليما وصحيحا، باستخدام مناهج التفسير المختلفة، سواء بتحديد معاني الألفاظ المستعملة أو بالنظر إلى نية واضعي الدستور أو السياق الذي صيغت فيه، أو تفسر فيه، مع أخذ بعين الاعتبار الأحكام التي لها علاقة مع النص أو الحكم موضوع التفسير على غرار الإخطار الحالي وإن كان يستهدف تفسير المقصود بالحكم التنظيمي الوارد في نص المادة 195 من الدستور، إلاّ أنه ينصرف إلى عبارة “التنظيمات” الواردة في المادة 190 (الفقرة 3) من الدستور.
– وحيث أن المحكمة الدستورية أرست في رأيها رقم 01/ س. م. د/ت. د/23 المؤرخ في 20 محرم عام 1445 الموافق 7 غشت سنة 2023، مبدأ عاما بمناسبة تفسير المادة 127 من الدستور، حيث جاء فيه “حيث أن تفسير حكم وارد في الدستور لا يتم بمعزل عن مقتضيات حددتها أحكام أخرى من الدستور ذات صلة بالحكم موضوع التفسير، اعتبارا أن الدستور بما يتمتع به من رفعة وسمو يشكل منظومة واحدة لا تقبل التجزئة، وهو ما يفرض ربط الأحكام الواردة فيه بعضها ببعض بغرض تجلية الغموض وإزالة الإبهام الحاصل حول النص بيانا لمفهومه وتوضيحا لمضمونه وقوفا على مقصده ومراده وضمانا لوحدة تطبيقه”.
– وحيث أن الدستور خول البرلمان سلطة التشريع بقوانين عضوية في الميادين والمجالات التي حددها له على سبيل الحصر، وأخضعها الرقابة المحكمة الدستورية، رقابة مطابقة قبلية وإلزامية، كما خوّل البرلمان سلطة التشريع بقوانين عادية، وترك باقي الميادين الخارجة عن مجال القانون والتي تتطلب تنظيما مستقلا بموجب قواعد قانونية، لاختصاص رئيس الجمهورية في إطار ممارسته للسلطة التنظيمية وأخضعها هي الأخرى لرقابة دستورية بعدية خلال شهر من نشرها،
– وحيث أن التنظيمات أو الأحكام التنظيمية تأخذ صورتين، إما تنظيمات مستقلة يعود الاختصاص (الحصري) بممارستها لرئيس الجمهورية في المجالات غير المخصصة للقانون، تصدر في شكل مراسيم رئاسية وتنظيمات تنفيذية يختص بممارستها الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، قصد تنفيذ القوانين والتنظيمات المستقلة وتأخذ شكل مراسيم تنفيذية، الأمر الذي يثير التساؤل حول مدى خضوع هذه الأخيرة لرقابة المحكمة الدستورية، وهو ما يتطلب تحديد المفهوم الدقيق لعبارتي “التنظيمات” و “الحكم التنظيمي” الواردتين في المادتين 190 (الفقرة 3) و 195 (الفقرة الأولى)،
– وحيث أن المؤسس الدستوري بتأسيسه للرقابة الدستورية وإخضاع كل من القوانين والتنظيمات التي يمارسها رئيس الجمهورية لرقابة المحكمة الدستورية، في إطار رقابة المطابقة أو رقابة الدستورية أو الدفع بعدم الدستورية، يهدف إلى إعلاء مبدأ سمو الدستور على بقية القواعد القانونية ومن خلال ذلك الحفاظ على الأمن القانوني باعتبارهما مظهرين لدولة الحق والقانون،
– وحيث أن التنظيم التنفيذي الذي يمارسه الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، غايته تنفيذ القوانين والتنظيمات المستقلة، مما يجعله تابعا لها ويستمد وجوده منها،
– وحيث أن التشريع الجاري به العمل على صعيد النظام القضائي وأيضا على صعيد المنازعات الإدارية اعترف للجهات القضائية التابعة للنظام القضائي الإداري بالصلاحية القانونية للفصل في دعاوى الإلغاء وتفسير وتقدير مشروعية القرارات الإدارية الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية والهيئات العمومية الوطنية وكذلك المنظمات المهنية، وبالتالي فإن حقوق المواطن وحرياته الثابتة في الدستور مكفولة بضمانات جسدتها في أرض الواقع جملة من التشريعات نذكر منها :
*القانون العضوي رقم 22-10 المؤرخ في 9 ذي القعدة عام 1443 الموافق 9 يونيو سنة 2022 والمتعلق بالتنظيم القضائي، لا سيما الأحكام الواردة في الباب الرابع منه،
*القانون العضوي رقم 22-11 المؤرخ في 9 ذي القعدة عام 1443 الموافق 9 يونيو سنة 2022 الذي يعدل ويتمم القانون العضوي رقم 98-01 المؤرخ في 4 صفر عام 1419 الموافق 30 مايو سنة 1998 والمتعلق بتنظيم مجلس الدولة وسيره واختصاصاته، لا سيما المواد 9 و 10 و 11 منه،
*القانون رقم 22-13 المؤرخ في 13 ذي الحجة عام 1443 الموافق 12 يوليو سنة 2022 الذي يعدل ويتمم القانون رقم 08-09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 والمتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، لا سيما المواد 900 مكرر و 900 مكرر 1 و 900 مكرر 2 و 900 مکرر 3 منه،
وعليه، وبعد الاطلاع على نص المواد 141 و 190 (الفقرة 3) و 195 (الفقرة الأولى) من الدستور، وللأسباب المذكورة أعلاه،
تبدي المحكمة الدستورية الرأي الآتي :
في الشكل : إن إخطار ستة وأربعين (46) نائبا بالمجلس الشعبي الوطني المحكمة الدستورية بخصوص تفسير أحكام دستورية، تم تطبيقا لأحكام المادتين 192 (الفقرة 2) و 193(الفقرة 2) من الدستور، مما يتعين قبوله شكلا.
في الموضوع :
أولا : يقصد بعبارة “التنظيمات” الواردة في نص المادة 190 (الفقرة 3) وعبارة “الحكم التنظيمي” الواردة في نص المادة 195 (الفقرة الأولى) من الدستور، النصوص التنظيمية المستقلة الصادرة عن رئيس الجمهورية في إطار ممارسته للسلطة التنظيمية في المسائل غير المخصصة للقانون وفقا لأحكام المادة 141 الفقرة الأولى) من الدستور، وهي وحدها الخاضعة للرقابة الدستورية والدفع بعدم الدستورية. زيادة على رقابة المشروعية التي يمارسها القضاء الإداري في حالات أخرى، بينما تخضع الأحكام التنظيمية التنفيذية التي يختص بها الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، لرقابة القضاء الإداري.
ثانيا : يبلّغ هذا الرأي إلى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني والوزير الأول
وإلى مندوب أصحاب الإخطار.
ثالثا : ينشر هذا الرأي في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
بهذا تداولت المحكمة الدستورية في جلستها المنعقدة بتاريخ 4 رجب عام 1445 الموافق 16 جانفي سنة 2024.
رئيس المحكمة الدستورية
عمر بلحاج
– ليلى عسلاوي، عضوا،
– مصباح مناس، عضوا،
– أمال الدين بولنوار عضوا
– فتيحة بن عبو، عضوا
– عباس عمار، عضوا،
– عبد الحفيظ أسوكين، عضوا
– عمار بوضياف، عضوا
– محمد بوطرفاس، عضوا
رأي رقم 02 / ر . م . د/ت. د /24 مؤرخ في 4 محرم عام 1446 الموافق 10 يوليو سنة 2024، يتعلق بتفسير الحكم الوارد بالمادة 187 (الفقرة الأولى – المطة 2) من الدستور.
إن المحكمة الدستورية
– بناء على إخطار تقدمت به مجموعة من نواب المجلس الشعبي الوطني للمحكمة الدستورية، طبقا لأحكام المادتين 192 (الفقرة 2) و 193 (الفقرة 2) من الدستور، بموجب رسالة مؤرخة في 29 يونيو سنة 2024، ومسجلة بأمانة ضبط المحكمة الدستورية بتاريخ 30 يونيو سنة 2024، تحت رقم 2024/02، قصد تفسير المادة 187 )الفقرة الأولى – المطة 2) من الدستور،
-وبناء على الدستور، لا سيما المواد 116-5 و 185 و 192 (الفقرة 2) و 193 (الفقرة 2) و 194 و 196 و 197 (الفقرة الأولى) منه،
– وبمقتضى القانون العضوي رقم 19-22 المؤرخ في 26 ذي الحجة عام 1443 الموافق 25 يوليو سنة 2022 الذي يحدد إجراءات وكيفيات الإخطار والإحالة المتبعة أمام المحكمة الدستورية، لا سيما المادة 13 منه،
– وبمقتضى الأمر رقم 06-03 المؤرخ في 19 جمادى الثانية عام 1427 الموافق 15 يوليو سنة 2006 والمتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، المتمم،
– وبمقتضى القانون رقم 99-05 المؤرخ في 18 ذي الحجة عام 1419 الموافق 4 أبريل سنة 1999 والمتضمن القانون التوجيهي للتعليم العالي، المعدل والمتمم،
– وبمقتضى المرسوم الرئاسي رقم 21-304 المؤرخ في 25 ذي الحجة عام 1442 الموافق 4 غشت سنة 2021 الذي يحدد شروط وكيفيات انتخاب أساتذة القانون الدستوري أعضاء في المحكمة الدستورية،
– وبمقتضى المرسوم التنفيذي رقم 08-130 المؤرخ في 27 ربيع الثاني عام 1429 والموافق 3 مايو سنة 2008 والمتضمن القانون الأساسي الخاص بالأستاذ الباحث، المعدل والمتمم،
– و بمقتضى النظام المؤرخ في 9صفر عام 1444 الموافق 5 سبتمبر سنة 2022 الذي يحدد قواعد عمل المحكمة الدستورية، لا سيما المادتان 15 و 17 منه،
– وبمقتضى النظام الداخلي للمحكمة الدستورية المؤرخ 10 صفر عام 1444 الموافق 6 سبتمبر سنة 2022، لا سيما المواد 29 و 31 و 32 و 33 و 34 و 35 و 36 منه،
– وبعد الاستماع إلى الأعضاء المقررين
– وبعد المداولة.
– من حيث الشكل :
– حيث أن الإخطار المقدم من قبل مجموعة من نواب المجلس الشعبي الوطني وعددهم خمسة وأربعون (45)، لغرض تفسير حكم دستوري، جاء مستوفيا للشروط الشكلية.
– من حيث الموضوع :
– حيث تبين لأصحاب الإخطار أن إنفاذ هذه المادة أسفر عنه ” تضارب في التفسير ” بين من يشترط خبرة 20 سنة كاملة من أول سنة توظيف بشكل دائم في مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي، مستبعدا بذلك سنوات العمل في إطار العقود المعمول بها في قطاع التعليم العالي، باعتبارها عقودا محددة بسنة واحدة قابلة للتجديد ولا تمنح نفس الحقوق والواجبات للأستاذ الدائم في المقابل يرى البعض بأن مثل هذا التفسير ضيق ومن شأنه إقصاء عدد لا بأس من الأساتذة كل مرة، رغم أن النص يتحدث عن الخبرة المكتسبة في مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي والتي تعد جزءا منها فترات العمل عن طريق العقود في بداية المسار المهني بالنسبة لغالبية الأساتذة. مع العلم – يضيف المخطرون – أن فترة العمل عن طريق العقد تحتسب و تثمن كفترة خبرة من قبل مصالح الوظيفة العمومية، يتم التنقيط عليها أثناء مسابقات التوظيف للالتحاق بمناصب عمل دائمة. كما أنها أولى بالاحتساب من فترات أداء الخدمة الوطنية التي أصبحت تثمن بموجب القوانين الحديثة في المسار المهني للموظف،
– حيث تساءل أصحاب الإخطار حول المقصود بخبرة 20 سنة إن كان معناها ينصب على “تقديم المحاضرات والاحتكاك بالطلبة أم أنها تغطي وضعية الأساتذة الذين أسندت إليهم مناصب إدارية ولهم رغبة في الترشح وتوقفوا عن مزاولة التكفل بالأعباء الإدارية” فكيف لهم – يتساءل أصحاب الإخطار – ” إثبات عدم انقطاعهم عن التدريس في فترة توليهم المناصب الإدارية على ضوء الالتزام بالتفسير الذي يجعل الخبرة المعتبرة هي خدمة التدريس وليس مجرد الانتماء إلى قطاع التعليم العالي”.
– حيث أن المادة 192 (الفقرة 2) من الدستور تنص على أنه يمكن الجهات المحددة في المادة 193 من الدستور إخطار المحكمة الدستورية حول تفسير حكم أو عدة أحكام دستورية، وتبدي رأيا بشأنها.
– حيث أن هذا المقتضى خول المحكمة الدستورية الاختصاص الحصري لتفسير الأحكام الدستورية على الاً يترتب على ذلك خلق مقتضى جديد، بل يعتبر تفسيرها رأيا ينخرط مع النص المراد تفسيره، فيصبح امتدادا له بالمعنى الذي أعطته إياه المحكمة الدستورية،
– حيث سبق للمحكمة الدستورية أن رسمت طريقة تفسير الأحكام الدستورية لإزالة الإبهام الحاصل حول النص بيانا لمفهومه و توضيحا لمضمونه وقوفا على مقصده ومراده وضمانا لوحدة تطبيقه، بحيث أقرت بأن المبدأ هو الا يخرج تفسير الأحكام من مضمار الأهداف والمقاصد التي سنت من أجلها والا تقرأ خارج معناها الحقيقي وبعيدا عن سياقها، خشية من أن يفتح الباب أمام التأويلات المختلفة التي تحيد بها عن تحقيق الهدف المقصود، ذلك أن المقتضيات الدستورية تصاغ لتحقيق غاية أرادها المؤسس الدستوري،
– حيث أن المحكمة الدستورية تؤكد أن منهجها في التفسير يتم أساسا ضمن حدود الأحكام الواردة والمبينة في الدستور عملا بمقتضيات المادة 192 (الفقرة 2). وهو ما يعني أن اختصاصها في هذا المجال ينحصر في تفسير حكم أو عدة أحكام دستورية، دون أن تتجاوزها التفسير الأحكام التشريعية والتنظيمية والتي تؤول لمؤسسات دستورية أخرى،
– حيث أن المحكمة الدستورية، ومن منطلق منهجها في التفسير الذي أرسته في رأيها رقم 23/01 المؤرخ في 20 محرم عام 1445 الموافق 7 غشت سنة 2023، وكذلك رأيها رقم 24/01 بتاريخ 4 رجب عام 1445 الموافق 15 جانفي سنة 2024، أكدت أن تفسير حكم وارد في الدستور لا يتم بمعزل عن مقتضيات حددتها أحكام أخرى من الدستور ذات صلة بالحكم موضوع التفسير ، اعتبارا أن الدستور بما يتمتع به من رفعة وسمو يشكل منظومة واحدة لا تقبل التجزئة، وهو ما يفرض ربط الأحكام الواردة فيه بعضها ببعض بغرض تجلية الغموض وإزالة الإبهام الحاصل حول النص بيانا المفهومه وتوضيحا المضمونه وقوفا على مقصده ومراده وضمانا لوحدة تطبيقه”،
– حيث أنه ولئن كان إخطار الحال يتعلق في صياغته وموضوعه بنص المادة 187 (الفقرة الأولى – المطة 2) من الدستور فيما يتعلق بالمقصود “بالتمتع بخبرة في القانون لا تقل عن عشرين (20) سنة”، فإن تفسير هذا الحكم يرتبط أساسا بحكم دستوري سابق له في الذكر ويتعلق الأمر هنا بالمادة 186 الفقرة الأولى – المطه 3 من الدستور)، حيث جاء فيها ما يأتي : ” ستة (6) أعضاء ينتخبون بالاقتراع من أساتذة القانون الدستوري، يحدد رئيس الجمهورية شروط وكيفيات انتخاب هؤلاء الأعضاء”.
– وحيث أنه ولئن كان المنهج المعتمد من قبل المحكمة الدستورية في مجال ممارستها للاختصاص التفسيري يفرض عليها التقيد و فقط بالأحكام الدستورية ومباشرة عملية التفسير ضمن إطارها و حدودها، ومراعاة لمضمونها. غير أن خصوصية موضوع الإخطار فرض على المحكمة الدستورية الرجوع للتنظيم الصادر عن رئيس الجمهورية تطبيقا لإحالة دستورية صريحة وواضحة في الموضوع وذلك حتى يتسنى لها نبل المقصد في استجلاء كل غموض بشأن الأحكام الدستورية، بما يمكنها من الفصل في موضوع الإخطار دون مجافاة للأحكام الواردة في الدستور
– وحيث أن المادة 10 من المرسوم الرئاسي موضوع الإحالة والمذكور ضمن تأشيرات رأي المحكمة الدستورية تفرض على كل مترشح لانتخابات المحكمة الدستورية بالنسبة لفئة أساتذة القانون الدستوري، أن يرفق ضمن مشتملات ملفه شهادة عمل حديثة تثبت خبرة لا تقل عن 20 سنة من الخدمة الفعلية في مجال القانون في مؤسسات التعليم العالي ،
-وعليه، يقصد بعبارة : ” التمتع بخبرة في القانون لا تقل عن 20 سنة… ” الواردة في المادة 187 (الفقرة الأولى – المطة 2) من الدستور : المدة التي قضاها أستاذ القانون المثبتة بموجب الشهادة المحددة في المادة 10 من المرسوم المذكور. ولا يمكن أن تدرج ضمنها إلا سنوات نشاط التدريس الفعلي طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما.
– حيث أن تولي المهام الإدارية على مستوى مؤسسات التعليم العالي لا يعفي المعنيين من مهام التدريس، وإن كان الحجم الساعي يخفض للتوفيق بين التسيير الإداري والتدريس
– حيث أنه لما كان تولي المناصب الإدارية من شأنه المساس بمبدأ المساواة بين المترشحين لعضوية المحكمة الدستورية، فإنه يتعين توقف المترشح عن ممارسة مهامه الإدارية بمجرد قبول ملف ترشحه
و عليه تبدي المحكمة الدستورية الرأي الآتي :
أولا : من حيث الشكل :
قبول الإخطار.
ثانيا : من حيث الموضوع :
– يقصد : بعبارة ” التمتع بخبرة في القانون لا تقل عن عشرين (20) سنة … ” الواردة في المادة 187 (الفقرة الأولى – المطة 2) من الدستور: المدة التي قضاها أستاذ القانون المثبتة بموجب الشهادة المحددة في المادة 10 من المرسوم المذكور، ولا يمكن أن تدرج ضمنها إلاّ سنوات نشاط التدريس الفعلي طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما.
ثالثا : يبلغ هذا الرأي إلى رئيس الجمهورية، وإلى رئيس مجلس الأمة، وإلى رئيس المجلس الشعبي الوطني، وإلى الوزير الأول وإلى مندوب أصحاب الإخطار.
رابعا : ينشر هذا الرأي في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
بهذا تداولت المحكمة الدستورية في جلستها المنعقدة بتاريخ 4 محرم عام 1446 الموافق 10 يوليو سنة 2024.
رئيس المحكمة الدستورية
عمر بلحاج
– ليلى عسلاوي، عضوا،
– بحري سعد الله، عضوا
– مصباح مناس، عضوا
– نصر الدین صابر، عضوا
– أمال الدين بولنوار، عضوا
– فتيحة بن عبو، عضوا
– عبد الوهاب خريف، عضوا
– عباس عمار، عضوا
– عبد الحفيظ أسوكين، عضوا،
– عمار بوضياف، عضوا
– محمد بوطرفاس عضوا