إن المجلس الدستوري،
– بناء على إخطار رئيس الجمهورية، طبقا للمواد 67 الفقرة 2 ، و 153، و155، و 156، من الدستور، برسالة رقمها 259/ أ.ع.ح، مؤرخة في 8 غشت سنة 1989، ومسجلة بالمجلس الدستوري في 13 غشت سنة 1989 تحت رقم 1 / أ.م.د – 1989 والمتعلقة بدستورية أحكام القانون رقم 89 – 13 المؤرخ في 5 محرم عام 1410 الموافق 7 غشت سنة 1989، الذي نشر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 32 المؤرخ في 7 غشت سنة 1989، لاسيما المواد 61، و62، و82، و84، و85، و86، و91،و108، و110، و111 منه،
– وبناء على الدستور، في مواده 153، و154، و155، و156، و157،و159،
– وبمقتضى النظام المؤرخ في 5 محرم عام 1410 الموافق 7 غشت سنة 1989 الذي يحدد إجراءات عمل المجلس الدستوري، والذي نشر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 32 المؤرخ في 7 غشت سنة 1989،
و بعد الاستماع إلى المقرر،
أولا : فيما يخص المواد 61، و62، و84، المتناولة مجتمعة بسبب مالها من التشابه في الموضوع الذي تعالجه حيث أن المادتين 61و 84 تعالجان طرق الاقتراع لانتخاب المجالس الشعبية، والمادة 62 تبيّن بدقة الكيفية التي يتم وفقها توزيع المقاعد بطريقة الاقتراع النسبي على القائمة مع أفضلية الأغلبية في دور واحد.
وبما أنه ليست هناك أية أحكام في الدستور تحدد قواعد خاصة تتعلق بطريقة الاقتراع، فيعود اختيار طريقة الاقتراع حينئذ إلى اختصاص المشرع وحده طبقا للفقرة 10 من المادة 115 من الدستور.
و بما أن نية محرر الدستور تستهدف تحقيق أوسع تمثيل للإرادة الشعبية، علما بأن أية طريقة اقتراع، قد تثير في تفاصيلها تحفظات مبدئية.
وبما أن طرق الاقتراع المقررة لا تنطوي على عناصر تمييزية تتنافى مع المبادئ الدستورية التي تتعلق بحقوق المواطنين السياسية.
وأن الاقتراع النسبي على القائمة مع أفضلية الأغلبية في دور واحد ليس إلا كيفية لتوزيع المقاعد المطلوب شغلها في المجالس الشعبية، ولا يمس في شيء الاختيار الانتخابي لدى المواطن.
وأن الأفضلية التي منحت للقائمة التي تحصل على الأغلبية البسيطة مانعة لأية مشاركة في توزيع المقاعد المطلوب شغلها المتبقية.
وهذه الأفضلية ليست تمييزية بل هي نابعة من الاختيار السيد لدى المشرع، الحريص على التوفيق بين ضرورات التمثيل الشعبي المنصف ومتطلبات التسيير الفعال للشؤون العمومية.
وبناء على كل ما تقدم، يصرح المجلس الدستوري بأن المواد 61، و62، و84 من القانون رقم 89-13 المؤرخ في 5 محرم عام 1410 الموافق 7 غشت سنة 1989 والمتضمن قانون الانتخابات، لا تتعارض مع أي حكم في الدستور.
ثانيا : فيما يخص المادتين 82 و85 المتناولتين مجتمعتين فيما تعالجانه على التوالي من حالات عدم القابلية للانتخاب في المجالس الشعبية البلدية والمجلس الشعبي الوطني.
نظرا لأن المشرّع عندما نصّ على أن الأشخاص الذين يمارسون الوظائف المذكورة في المادتين 82 و85 من قانون الانتخابات، غير قابلين للانتخاب في المجالس الشعبية البلدية والمجلس الشعبي الوطني، كان يقصد منعهم من الترشح لمهمة انتخابية، مدة ممارستهم مهامهم، وطوال سنة واحدة بعد إنهاء مهامهم، ومن تقديم ترشحهم لمهمة انتخابية في دائرة الاختصاص الأخيرة التي مارسوا وظائفهم فيها.
والقول بمقتضى أية قراءة أخرى تفضي إلى توسيع هذا المطلب الأخير إلى كل دوائر الاختصاص التي قد سبق لهم أن مارسوا فيها وظائفهم، قول تمييزي لا يستند إلى أساس، وبعد هذا التحفظ، يتبين أن أحكام المادتين 82و 85 المذكورتين لا مساس لهما بأي حكم دستوري.
غير أن المجلس الدستوري، يلاحظ على أية حال أن نص القانون الذي عرض عليه خال من كل شرط من شروط عدم قابلية الانتخاب للمجلس الشعبي الولائي، وما هذا إلا نتيجة إغفال، لأنه في الحالة العكسية يفضي تحليله إلى تمييز بالمقارنة مع ما هو مشترط في المترشحين للمجالس الشعبية الأخرى.
ثالثا : فيما يخص المادة 86 المتعلقة بقابلية الانتخاب للمجلس الشعبي الوطني، يعتبر المجلس الدستوري أنه إذا كان شرط السن المطلوب لا يثير أية ملاحظة خاصة، فإن الأمر ليس كذلك بالمرة فيما طلب من المترشحين وأزواجهم من أن يكونوا من جنسية جزائرية أصلية.
-ونظرا لما نصت عليه أحكام المادة 47 من الدستور، أعترف لجميع المواطنين الذين تتوفر فيهم الشروط القانونية أن ينتخبوا وينتخبوا. كما أن الأحكام القانونية المتخذة في هذا المجال بإمكانها أن تفرض شروطا لممارسة هذا الحق، لكنه ليس بإمكانها أن تحذفه تماما بالنسبة إلى فئة من المواطنين الجزائريين بسبب أصلهم.
وبعبارة أخرى، لا يمكن أن تكون ممارسة هذا الحق موضوع تضييقات ضرورية فقط في مجتمع ديمقراطي، بغية حماية الحريات والحقوق الواردة في الدستور، ثم ضمان آثرها الكامل.
-ونظرا لكون الأمر رقم 70-86 المؤرخ في 17 شوال عام 1390 الموافق 15 ديسمبر سنة 1970 والمتضمن قانون الجنسية الجزائرية، قد حدد شروط الحصول عليها وإسقاطها وبيّن على الخصوص بدقة آثار الحصول على الجنسية الجزائرية وأقر حقوقا كان من أخصها حق تقلد مهمة انتخابية بعد خمس سنوات من الحصول على الجنسية الجزائرية، مع أنه بالإمكان إلغاء هذا الأجل من جهة أخرى بموجب مرسوم التجنس.
-ونظرا إلى أن هذا الحكم القانوني لا يسعه أن يخضع لتطبيق انتقائي ولا جزئي.
-ونظرا لكون الجنسية الجزائرية الأصلية لا تشترط في المترشحين لمهمة انتخابية في المجالس الشعبية البلدية والولائية.
-ونظرا لكون المادة 28 من الدستور، تقر مبدأ تساوي المواطنين أمام القانون دون إمكانية التذرع بأي تمييز يعود سببه إلى المولد أو العرق، أو الجنس، أو الرأي أو أي شرط أو ظرف آخر، شخصي أو اجتماعي.
-ونظرا لكون أية اتفاقية بعد المصادقة عليها ونشرها، تندرج في القانون الوطني، وتكتسب بمقتضى المادة 123 من الدستور سلطة السموعلى القوانين، وتخول كل مواطن جزائري أن يتذرع بها أمام الجهات القضائية، وهكذا الشأن خاصة بالنسبة إلى ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1966 المصادق عليه بالقانون رقم 89 – 08 المؤرخ في 19 رمضان عام 1409 الموافق 25 أبريل سنة 1989 الذي انضمت الجزائر إليه بمرسوم رئاسي رقم 89 – 67 المؤرخ في 11 شوال عـــام 1409 الموافــق 16 مايو سنة 1989، والميثـاق الإفريقـي لحقـوق الإنسـان والشعـوب، والمصـادق عليه بالمرسوم رقم 87 – 37 المؤرخ في 4 جمادى الثانية عام 1407 الموافق 3 فبراير سنة 1987، فإن هذه الأدوات القانونية تمنع منعا صريحا كل تمييز مهما كان نوعه.
-ونظرا لكون الناخبين يملكون حق تقدير أهلية كل مترشح للاضطلاع بمهام عمومية.
وبناء على ما تقدم، يصرح المجلس الدستوري بأن اشتراط الجنسية الأصلية للمترشح للانتخابات التشريعية، غير مطابق للدستور.
كما أنه يقول أن الفقرة 3 من المادة 86 التي تنص على وجوب أن يكون زوج المترشح ذا جنسية جزائرية أصلية، والفقرة الأخيرة من هذه المادة نفسها، غير مطابقتين للدستور فيما تفرضانه من شرط خارج عن ذات المترشح وذا طابع تمييزي.
رابعا : فيما يخص المادة 108 من قانون الانتخابات التي تفرض أن يرفق التصريح بالترشح لرئاسة الجمهورية بشهادة الجنسية الجزائرية الأصلية لزوجه.
– نظرا لأحكام المادة 67 من الدستور، التي تنص على أن رئيس الجمهورية، رئيس الدولة، يجسد وحدة الأمة، وهو حامي الدستور.
-ونظرا لكون محرر الدستور، اعتمادا على طبيعة الاختصاصات المسندة إلى رئيس الجمهورية، قرر أن تحدد شروط قابليته للانتخاب مقاييس تسمو على كل الشروط التي يجب أن تتوفر في المترشحين لأية مهمة انتخابية أخرى. كما أن المادة 70 من الدستور، ضبطت في هذا الصدد بكيفية حصرية شروط قابلية الانتخاب لرئاسة الجمهورية.
-ونظرا إلى أن الرجوع الوحيد إلى القانون الذي ورد صراحة في المادة 68 من الدستور، لا يهم إلا كيفيات الانتخابات الرئاسية.
-ونظرا لكون اشتراط تقديم المترشح شهادة زوجه للجنسية الجزائرية الأصلية، لا يمكن أن يماثل إحدى كيفيات الانتخاب الرئاسي، بل يشكل في الواقع شرطا إضافيا لقابلية الانتخاب.
وهو يدخل، زيادة على ذلك، تمييزا مضادا للأحكام الدستورية وللمواثيق المذكورة أعلاه.
وبناء على ماتقدم، يصرح المجلس الدستوري بأن الفقرة الثالثة من المادة 108 غير مطابقة للدستور.
خامسا : فيما يخص المادة 110 التي تنص على أن الترشيح لرئاسة الجمهورية يجب أن تتم الموافقة عليه صراحة وأن تقدمه جمعية أو عدة جمعيات ذات طالع سياسي، وأن تدعمه زيادة على ذلك توقيعات ستمائة (600) عضو منتخب في المجالس الشعبية.
-نظرا لوجوب تقديم المترشح لرئاسة الجمهورية الموافقة التي حددت في المادة 110، فإن هذا يبعد عمليا كل المترشحين الخارجين عن الجمعيات ذات الطابع السياسي.
-ونظرا لكون هذا الأمر ينطوي على عرقلة لممارسة حق أقرته المادة 47 من الدستور.
-و نظرا لوجوب دعم المترشح لرئاسة الجمهورية ترشيحه بستمائة (600) توقيع للمنتخبين، يمثل كفالة هامة، كافية في حد ذاتها، وبناء على ذلك، فإن جزء الجملة من الفقرة الأولى من المادة 110 من قانون الانتخابات المحررهكذا : ” يجب أن تتم الموافقة صراحة على الترشيح وتقدم من طرف جمعية أو عدة جمعيات ذات طابع سياسي” يصرح بأنه غير مطابق للدستور.
سادسا : فيما يخص المادتين 111 و 91 المتناولتين مجتمعتين بسبب كون الأولى تعفي رئيس الجمهورية الممارس، من الشروط المحددة في المادة 110، وكون الفقرة الثالثة من المادة 91 لا تخضع النائب الممارس، للزوم دعم ترشيحه بتوقيع 10% من منتخبي ( بفتح الخاء ) دائرته الإنتخابية أو بخمسمائة (500) توقيع منتخبي ( بكسر الخاء ) هذه الدائرة الانتخابية نفسها، وذلك في حالة ما إذا كان لا يترشح من جديد تحت رعاية جمعية ذات طابع سياسي.
– نظرا إلى أن المبدأ الأساسي للسيادة الشعبية والسير العادي للمنظومة الديمقراطية، يأمران حائزي المهمة الانتخابية أن يردوها وجوبا عند حلول أجلها إلى هيئة الناخبين التي لها الحق في تقدير الطريقة التي تم بها أداء تلك المهمة.
– ونظرا لكون نص أحكام المادة 47، التي تعترف لجميع المواطنين بحق قابلية الانتخاب، والمادة 28 من الدستور، تقر تساوي جميع المواطنين أمام القانون، فإن المترشحين لأي انتخاب يجب أن توفر فيهم كذلك نفس الواجبات ويتمتعوا بنفس الحقوق.
– ونظرا لكون مثل هذا الإعفاء يحتمل أن يقدر على أنه يمثل نقيضا لمبدأ التساوي في التعامل مع المترشحين.
وبناء على ما تقدم، يصرح المجلس الدستوري بأن المادة 111 والفقرة الثالثة من المادة 91 من قانون الانتخابات، غير مطابقتين للدستور.
غير أن المجلس الدستوري يعتبر أن الفقرتين الأولى والثانية من المادة 91، تطرحان شروط تقديم المترشحين للانتخابات التشريعية، وأن الاختيار المتروك للمترشحين ليس من طبيعته أن يحدث أوضاعا مخالفة لروح الدستور ونصه، وعليهفإن الفقرتين الأولى والثانية من المادة 91، مطابقتان للدستور.
سابعا : ونظرا إلى أنه لا مجال لأن يثير المجلس الدستوري مسألة المطابقة للدستور بخصوص الأحكام الأخرى في القانون الذي عرضه عليه رئيس الجمهورية لدراسته.
يقرر ما يلي :
1 -يصرح بعدم مطابقة ما يأتي للدستور:
أ) اشتراط الجنسية الأصلية من المترشح وزوجه المتضمن في المادة 86 من قانون الانتخابات.
لذا تحرر المادة 86 كما يأتي :
” المادة 86 : يشترط في المترشح للمجلس الشعبي الوطني ما يلي :
– أن يكون بالغا سن 30 عاما على الأقل يوم الانتخاب،
– أن يكون ذا جنسية جزائرية”.
ب) الفقرة الثالثة من المادة 91 من قانون الانتخابات.
لذا تحرر المادة 91 كما يأتي :
” المادة 91 : مع مراعاة الشروط الواجب استيفاؤها قانونا يجب أن تتم الموافقة صراحة على القائمة المذكورة ضمن المادة 89 من هذا القانون، من طرف جمعية أو عدة جمعيات ذات طابع سياسي.
وفي حالة ما إذا لم يتقدم المترشح تحت رعاية جمعية ذات طابع سياسي فإنه يلزم بتدعيم ترشيحه ب% 10 على الأقلمن منتخبي دائرته أو 500 إمضاء من ناخبي دائرته الانتخابية”.
ج) الفقرة 3 من المادة 108 من قانون الانتخابات.
لذا تحرر المادة 108 كما يأتي :
” المادة 108 : يتم التصريح بالترشيح لرئاسة الجمهورية بإيداع طلب لدى المجلس الدستوري.
ويتضمن هذا الطلب توقيع المترشح واسمه ولقبه وتاريخ ومكان ميلاده ومهنته وعنوانه. يسلم للمترشح وصل إيداع “.
د) تقييد المترشح لرئاسة الجمهورية بشرط ” أن تتم الموافقة صراحة على الترشيح وتقدم من طرف جمعية أو عدة جمعيات ذات طابع سياسي ” الوارد في الفقرة الأولى من المادة 110 من قانون الانتخابات.
لذا تحرر المادة 110 كما يأتي :
“المادة 110 : فضلا عن الشروط المحددة في المادة 70 من الدستور، وأحكام هذا القانون، يجب على المترشح أن يقدم قائمة تتضمن على الأقل توقيعات ستمائة (600) عضو منتخب لدى المجالس البلدية و الولائية والمجلس الشعبي الوطني، موزعين على نصف ولايات التراب الوطني على الأقل”.
هـ) المادة 111 من قانون الانتخابات.
2 -تحت طائلة التحفظات المعبر عنها أعلاه، يصرح بأن المواد 62،و 82، و 85 من قانون الانتخابات، مطابقة للدستور.
3 -يصرح بأن المادتين 61 و84 والأحكام الأخرى من قانون الانتخابات، مطابقة للدستور.
4 – ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
هكذا تداول في ذلك المجلس الدستوري في جلسته بتاريخ الثامن عشر محرم عام 1410 الموافق عشرين غشت سنة 1989
رئيس المجلس الدستــــوري
عبد المالك بن حبيلس
إن المجلس الدستوري،
بناء على إخطار رئيس الجمهورية، طبقا للمواد 67- الفقرة 2، و153 ، و155، و 156 من الدستور، برسالة رقمها 260/ أ.ع.ح، مؤرخ في 10 غشت سنة 1989، ومسجلة بالمجلس الدستوري في 15 غشت سنة 1989، تحت رقم 03/ إ / م د/ 1989، ومتعلق بدستورية القانون رقم 89 – 14 المؤرخ في 6 محرم عام 1410 الموافق 8 غشت سنة 1989، المتضمن القانون الأساسي للنائب، الذي نشر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 33 ، المــؤرخ في 9 غشت سنة 1989،
و بناء على الدستور، في مواده 153 و 154 و 155 و 156 و 157 و 159،
و بمقتضى النظام المؤرخ في 5 محرم عام 1410 الموافق 7 غشت سنة 1989، الذي يحدد إجراءات عمل المجلس الدستوري، والذي نشر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 32 المؤرخ في 7 غشت سنة 1989،
وبعد الإ ستماع إلى المقرر،
– فيما يخص المادة 8 وما تتناوله من عدم التنافي بين النيابة ووظائف أساتذة التعليم العالي وأطباء القطاع العام،
نظرا لكونه بمقتضى نص الجملة الختامية من المادة 97 من الدستور، يعود للقانون تحديد نظام حالات التنافي مع ممارسة النيابة، إذ القاعدة في ذلك تستهدف تجنيب النائب الجمع بين وضعين قانونيين، ذلك الجمع الذي يلحق ضررا بمهمته الإنتخابية، ونظرا لكون المجلس الدستوري لا يسعه أن يجعل تقديره موضع تقدير المجلس الشعبي الوطني فيما يخص جدوى التصريح بتنافي هذه الحالة أو تلك مع عضوية النائب، لكن يعود إليه جوهريا أن يبت في مطابقة أي حكم قانوني قياسي معروض لرقابته، للدستور،
ونظرا لأن القانون تعبير عن الإرادة العامة، ولا يمكنه أن يحدث أوضاعا غير عادلة بين المواطنين، ورفع حالة التنافي بالنسبة إلى بعض أصحاب الوظائف العمومية، كما تطرحه المادة 8، ينشئ وضعاتمييزيا بالنظر إلى أصحاب وظائف مماثلة تمارس ضمن أطر قانونية مختلفة والأكثر من ذلك، أن المادة 24 من النص نفسه، المعروض على المجلس الدستوري لدراسته، تبعد كل إمكانية الجمع بين أية وظيفة مع عضوية النائب،ومفاد نصها أنه ” يوضع النائب الذي أثبتت صحة نيابته ، في حالة إنتداب قانونا ويتفرغ كليا ودائما لنيابته “،
وبناء على ماتقدم، يقول المجلس الدستوري أن المادة 8 غير مطابقة لأحكام المادة 28 من الدستور،
– فيما يخص المادة 13 وماتتناوله من مهام مؤقتة يمكن أن يكلف بها النائب،
نظرا لكون تنظيم السلطات المستنبط من الدستور كما صادق عليه الشعب في 23 فبراير سنة 1989، يحدد بدقة صلاحيات كل جهاز،
ونظرا لكون مفهوم ” الهيئات السياسية السامية ” غريب عن المصطلحات الدستورية المعمول بها، وأنه يعود للأجهزة الدستورية أن تظل يقظة فيما يخص إجراءات التعاون بين هذه الأجهزة،
يقول المجلس الدستوري’ بناء على ماتقدم ، إن المادة 13 غير مطابقة للدستور، لأنه بإمكانها أن تحدث أوضاعا مضرة بلزوم إستقلالية كل جهاز دستوري،
– فيما يخص المادتين 17 و 33، المتناولتين مجتمعتين اذ تعالجان كلاهما دور النائب في دائرته الانتخابية،
نظرا لكون المادة 17 من القانون المتضمن القانون الأساسي للنائب، تخول هذا الأخير أن يتابع في الدائرة التي انتخب فيها تطور الحياة الساسية، و الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و خاصة المسائل المتعلقة بتطبيق القوانين و الأنظمة، و ممارسة الرقابة الشعبية، و كذلك المسائل المتعلقة بنشاط مختلف المصالح العمومية،
و نظرا لكون المادة 33، المتناولة في نفس الاتجاه، تنص على أنه « عند نفاذ جدول أعمال المجلس، يتـفرغ النـائب لدائـرته الانتـخابية، و في هـذا الاطـار، يجـب عليـه أن يسـهر على تطبيق القوانين و الأنظمة، كما يتولى ممارسة الرقابة الشعبية وفقا للتشريع المعمول به »
و نظرا لأن مبدأ الفصل بين السلطات يحتم أن تمارس كل سلطة صلاحياتها في الميدان الذي أوكله إياها الدستور،
و نظرا لأنه يجب على كل سلطة أن تلزم دائما حدود اختصاصاتها لتضمن التوازن التأسيسي المقام. و بتخويل النائب أن يتابع فرديا المسائل المتعلقة بتطبيق القوانين و التنظيمات و ممارسة الرقابة الشعبية، و المسائل المتعلقة بنشاط مختلف المصالح العمومية، أسند القانون الأساسي للنائب مهام تتجاوز اطار صلاحياته الدستورية،
و بناء على ما تقدم، يقول المجلس الدستوري، أن المادة 17 و المادة 33 مطابقتان جزئيا للدستور، فالاولى في فقرتها الأولى فقط، مع حذف جزء الجملة « و خاصة المسائل المتعلقة بما يلي : » و الثانية في فقرتها الأولى كذلك مع حذف الجملة القائلة « و في هذا الإطار يجب عليه أن يسهر على تطبيق القوانين و الأنظمة ».
– و فيما يخص المادة 20، و ما تتنـاوله مـن مشـاركـة النـائب في أشـغال المجـلس الشعـبي الولائي و المجالس الشعبية البلدية،
نظرا لكون النيابة في المجلس الشعبي الوطني ذات طابع وطني، تطبيقا للمادة 99 من الدستور، و أنها تمارس في اطار اختصاص السلطة التشريعية و حدوده،
و نظرا لكون مهمة الرقابة الشعبية موكولة الى المجلس الشعبي الوطني وفقا لما نصت عليه المادة 149 من الدستور، و هي تمارس على الخصوص ضمن الشروط المحددة في المادة 151 من الدستور،
و نظرا للنص على أن النائب يشارك في اجتماعات المجلس الشعبي الولائي و المجالس الشعبية البلدية الداخلة في دائرته الانتخابية، فإن القانون يوكل إليه صلاحيات تتجاوز مهمته ذات الطابع الوطني،
و بناء على ما تقدم، يقول المجلس الدستوري أن المادة 20 غير مطابقة للدستور.
– و فيما يخص أحكام المادة 21 وما تتناوله من طلب النائب سماع الهيئة التنفيذية الولائية،
نظرا لكون المادة 21 من النص المعروض على المجلس الدستوري ليدرسه، تخول النائب طلب سماع الهيئة التنفيذية للولاية التي انتخب فيها حول كل مسألة تتعلق بسير المصالح العمومية التابعة لدائرته الانتخابية،
و نظرا لكون هذا الاجراء يشكل أمرا موجها للسلطة التنفيذية و لا يندرج بتاتا ضمن صلاحيات النائب الدستورية، و نص المادة 21 على هذا النحو يستبعد مبدأ الفصل بين السلطات،
و بناء على ما تقدم، يقول المجلس الدستوري أن المادة 21 غير مطابقة للدستور،
– و فيما يخص المادة 42 و المرتبة التشريفية التي تحددها للنائب،
نظرا إلى أنه إذا كان على النائب أن يظل دائما يتحسس تطلعات الشعب، حسب نص المادة 94 من الدستور، فليس ثمة ما يلزمه صراحة بحضور جميع الحفلات و التظاهرات الرسمية التي تقام في مستوى دائرته الانتخاية وولايته،
و نظرا إلى أنه بالنص على كونه في هذا الإطار ” يحظى بالمقام الأول في سلم التشريفات. و على المستوى الوطني، يحظى بالمرتبة التشريفية المناسبة لمهمته الوطنية “، فالمادة 42 تتبنى، زيادة علىذلك، مفهوما لا يحدده أي نص قانوني، و لا يدرجه الدستور في حيز القانون،
و بناء على ما تقدم، يقول المجلس الدستوري أن المادة 42 غير مطابقة للدستور،
– و فيما يخص أحكام المادة 43، و ما تتناوله من أسفار النواب تحت غطاء جواز دبلوماسي،
نظرا لكون الجواز الدبلوماسي، يسلم حسب الأعراف الدولية، لكل سلطة تابعة للدولة ملزمة بمهمة دائمة أو وقتية تمثيلية أو في إطار نشاط دولي يهم الدولة، و بهذه الصفة فهو يسلم حسب إرادة السلطة التنفيذية وحدها طبقا للمواد 67 و 74 و 116 من الدستور،
و نظرا لكونه لا يعود حينئذ للقانون، المحدد مجاله خاصة في المادة 115 من الدستور، أن ينص على كيفيات تسليم وثائق السفر، أو وضعها حيز التداول أو استعمالها، لأن ذلك من اختصاص السلطة التنظيمية وحدها كما هي محددة في المادة 116 من الدستور،
و بناء على ما تقدم، يقول المجلس الدستوري أن القانون إذ ورد نصه على ذلك النحو، تجاوز هدفه في المادة 43 منه،
يقرر مايلي :
1 – تعد غير دستورية المواد 8 و 13 و 20 و 21 و 42 و 43 من القانون رقم 89 – 14 المؤرخ في 6 محرم عام 1410 الموافق 8 غشت سنة 1989 و المتضمن القانون الأساسي للنائب،
2 – يصرح بأن المادتين 17 و 32 مطابقتين جزئيا للدستور مع التحفظات المعبر عنها أعلاه،
و تحرر هاتان المادتان كما يأتي :
“المادة 17 : ” يتابع النائب في دائرته الإنتخابية تطور الحياة السياسية، والإقتصادية، والإجتماعية ، والثقافية “.
“المادة 33 : ” يتفرع النائب لدائرته الإنتخابية عند نفاد جدول أعمال المجلس “.
3 – يصرح بدستورية المواد الأخرى من القانون رقم 89 – 14 المؤرخ في 6 محرم عام 1410 الموافق 8 غشت سنة 1989 والمتضمن القانون الأساسي للنائب، غير المذكورة في الفقرات السابقة،
4– ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية،
هكذا تداول في ذلك المجلس الدستوري في جلسته بتاريخ 28 محرم عام 1410 الموافق 30 غشت سنة 1989.
رئيس المجلس الدستــــوري
عبد المالك بن حبيلس
إن المجلس الدستوري،
– بناء على اخطار من رئيس المجلس الشعبي الوطني ووفقا للمادة 156 من الدستور، برسالة رقم 169 / 89 / دن المؤرخة في 6 ديسمبر سنة 1989 مسجلــة بالامانة العامة للمجلس الدستوري في 6 ديسمبر سنة 1989 تحت رقم 6 – ا .م .د / 1989 متعلقة بمطابقة النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني المصادق عليه في 29 أكتوبر سنة 1989 للدستور،
– و بناء على الدستور في مادتيه 109 الفقرة 02 و 155 الفقرة 02،
– و بناء على نظام 7 غشت 1989 الذي يحدد اجراءات سير المجلس الدستوري و المنشور بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية رقم 32 الصادرة في 7 غشت سنة 1989،
– و بناء على الرأي رقم 1 -ر . ق . م د / 89 المؤرخ في 28 غشت سنة 1989 الصادر عن المجلس الدستوري حول دستورية النص الذي صادق عليه المجلس الشعبي الوطني بتاريخ 22 يوليو سنة 1989 و عنوانه ” قانون متضمن النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني ” و الذي قضى المجلس الدستوري تطبيقا للمادة 155 الفقرة 02 من الدستور بأن مراقبة تطابق النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني مع الدستور الزامية و سابقة لتطبيقه،
– و بناء على اللائحة المتضمنة النظام الداخلي الذي صادق عليه المجلس الشعبي الوطني بتاريخ 29 اكتوبر سنة 1989،حول مقتضيات المادة 49 من لائحة 29 أكتوبر سنة 1989 : باعتبار أنه اذا كانت المادة 94 من الدستور تنص على أنه يجب على المجلس الشعبي الوطني في اطار اختصاصاته الدستورية أن يبقى وفيا لثقة الشعب و يظل يتحسس تطلعاته، فإن المادة 49 من النظام الداخلي لا يمكن في أي من أحكامها أن تمنح للجان الدائمة للمجلس الشعبي الوطني أو لأعضائها سلطة تفتيشية من شأنها أن تشكل مسّا بمبدأ الفصل بين السلطات و بالاستقلالية اللازمة للهيئة التنفيذية، و أن المادة 94 من الدستور في هذه الحالة لا تعطي للجان الدائمة سوى الحق في الزيارات الاعلامية التي تساعدها على حسن تقدير المسائل التي تطرح لدى دراسة القوانين، غير أنه بالنظر الى أن الجزء الأخير من جملة الفقرة 2 من المادة 49 المحررة كالآتي : ” أو حول مواضيع هامة على الساحة متعلقة بالقطاعات التي تدخل في صلاحيتها ” قد يؤدي الى إضفاء طابع تأسيسي على التدخل و هو ما يتناقض مع أحكام المادة 151 من الدستور التي تمنح للمجلس الشعبي الوطني أن ينشىء في أي وقت لجنة تحقيق في أية قضية ذات مصلحة عامة.
و عليه فإن المجلس الدستوري بعد المداولة،
يقــــرر :
1 – بأن الجزء الأخير من الفقرة 2 من المادة 49، المحررة كالتالي :
” أو حول مواضيع هامة على الساحة متعلقة بالقطاعات التي تدخل في صلاحيتها ” يعد غير مطابق للدستور،
2 – و بأن النصوص الأخرى للائحة 29 أكتوبر سنة 1989 المتضمنة النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني مطابقة للدستور،
حرر ذلك في جلسته المنعقدة بتاريخ عشرين جمادى الأولى عام عشرة و أربعمائة و ألف هجرية الموافق للثامن عشر ديسمبر عام تسع و ثمانين و تسعمائة و ألف.
رئيـس المجلــس الدستـــــوري
عبد المالك بن حبيلس